هجرتَ بطاحَ مكّة والشّعابا

المسابقة الشعرية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم،
والتي نظّمها القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية في العام 1979م وذلك لموافقته للعام 1400هـ ،
وهي تأتي بمناسبة مرور 14 قرنًا على الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم ودخولنا في القرن الـ 15 هـ ،
وكانت المفاجأة هي فوز الشاعر السنغالي ( عبدالله با ) في قصيدته :

هجـــــــرتَ بطاحَ مكّة والشّعابا
تَخِــــذْتَ من الدّجى يا بدرُ سِتراً
فكيـــــف تركت خلفــك كلّ شأن
وشرُّ مواطــــــــن الإنســان دارٌ
يناديــــــــهم فلا يلقــــــى سميـعاً
صبــــــرتَ وكلُّ داعيــــة يلاقي
تمرُّ بك الحـــــوادثُ وهي كَلْمي
فمـــــــا ألقيت من رهــب سلاحا
تزيـــــــدك كلُّ حـــــــادثةٍ ثبـاتاً
أتعـــــرف دعــــــوةً لله قــــامت
سبــــــيلُ الحق قد حُفّـــتْ بشوكٍ
نَبتْ بكَ أرضُ مكّــة وهي أوفى
وضـــاقتْ في الحنيفـــــة من إلهٍ
أما عُبـــــِدتْ بهـــــا عُزّى قديماً
لقد وسَعـــــــت من الأديان بُطلاً
ومن عجــــبٍ تسيء إليك أرضٌ
منــــــازلٌ كنت تنـــزلها طهوراً
فما عــــــــرفوا عليك بهن نقصاً
تقــــــوم الليل في جنــــبات غارٍ
تزلـــــــــزل بالدعاء ذُرى حِراء
لقـــــــد آذاك أهــــــلٌ في حماهم
رمَـــــوْا والله صـــانك من أذاهم
فلا تــــــرجو السلامة من قريبٍ
فـــــربَّ أباعدٍ كانـــــــــوا رجاءً
أميــــــنَ الله أهلُك قــــــد أساؤوا
وقالـــــــوا الساحر الكذابُ حاشا
وكانــــــــوا من صفاتك في يقينٍ
ولكـــــــنْ دولةُ الأغراض تُعمي
لقـــــد جحدوا ضياءك وهو سارٍ
كأن مـــــــن الهدى فيــــه سراجٌ
ومن تكـــــن المــــــآربُ ضللته
أميـــــن الله قومــــــك قد أساؤوا
لقد عــــادوْك موجِـــــــدةً وكِبراً
مضــــوْا يستكثرون عليك فضلاً
هو الحســـــدُ الذي أكـــل البرايا
يكــــــاد الحقدُ يمســــخهم قروداً
ولمــــا أنْ قدَرْت عفـــوت عنهم
دعَــــوْت لهم بمغـــــفرةٍ وصَفْحٍ
ملكت رِقــــــابهم عفْـــــواً فلانوا
خرجت إلى المدينة وهـــــي دارٌ
فقـــــد آواك أهلــــــــوها وكادوا
وجـــــدت بها من الأنصار أهلاً
وربّ أباعــــــــد لك قـــد أجابوا
رجـــــوْت بهم لـــدين الله نصْراً

وودّعت المنـــــازل والرّحــــابا
ومن رَهَبُــــــــوت حِلْكتــــه ثيابا
وغادرت الأحبـــــة والصّحــابا
يرى من أهلهــــا فيهــــــا عذابا
ويدعـــــوهم فلا يجـــــد الجوابا
من الأهوال ما يوهـــي الصِّلابا
كأن مِزَاجـــــها الصّخــريَّ ذابا
ولا خلّيت من نصَــــبٍ حِـــرابا
وصبـــــراً في المواقف وانكبابا
وكــــــان قوامهــــــا شهْداً مُذابا
ولم تُمــــلا على دَعةٍ رِضــــابا
وأرحب في سبيــــل الشّرك بابا
وما ضـــــاقت بآلهــــــة جَنــابا
أما شبّ الضـــــــلال بها وشابا
ولم تسعِ الحنيفــــــــةَ والصّوابا
شبَبْتَ فما أســــــأْت بهـــا شبابا
وتلقى الوحـــــي فيهـــــا والكتابا
ولا أخـــــذوا عليك بهــــن عابا
وتقطـــــــعه زكــــــاةً واحتسابا
فلــــــولا اللهُ يمسكـــــــه لـــذابا
فكــــــــان أذاهمُ العجبَ العُجابا
فأخطـــــأ سهمُ راميهــــم وخابا
ولا تأمــــــــن من الأهل انقلابا
ورب أقــــارب كانـــــوا مُصابا
ولجّ لســــــانهم إثْماً وعــــــــابا
لربّك لـــــــم يقلْ يـــــــوماً كِذابا
فكيـــــــف يروْن دعوتك ارتيابا
وتُلقــــــي فوقَ أعينــــــها حجابا
يشـــــقُّ البيدَ أو يطوي الهِضابا
ومن وضـــــــح اليقين بها شهابا
يجدْ في الحـــق زيفاً واضطرابا
وطار صـــوابُهم ومضى وغابا
وربّ مكــــــابرٍ فقد الصّــــــوابا
من الله الـــــــذي يعطي الرّغابا
وصيّــــرهم علــــــى إنسٍ ذئابا
ويخلُـــــق فيهمُ ظفـــــــــراً ونابا
ولم تفرض علـــى الجاني عِقابا
فكان دعـــــاؤك العــــالي مُجابا
ولم أرَ مثــــــله ملك الرّقــــــابا
شهِدتَ بهـــــا على الكفر انقلابا
لِينْسوك الرحيــــلَ والاِغتـــرابا
وزدت بهم علـــــى البعد اقترابا
وما سمـــــع القريبَ ولا أجــابا
ولــــم أرَ راجيــــــاً في الله خابا